الخميس، 9 يونيو 2011

حينما يتحول الدم إلى ماء

أكتب ما بدأته هذا مدفوعا بفاجعتي لما حدث بالامس حيث 19 جثمان مصري تم التخلص منهم كما نتخلص ممن ليس له أحد يذكره . واللذي هو نكرة في وطنه . دفنوا كما يدفن مجرم منبوذ من أهله محتقر .
أليس هؤلاء أناس من أبوا الظلم وثاروا عليه يوم عجز أرباب الحرب والسلاح الدفاع عن العدل في الوطن .
أليسم أكثر أمانة ممن خان أمانته نحو وطنه .
أليسم رجالا ونساءا عظماء كنا لنفخر لو مررنا بهم يوما وكنا لنكثر الذكر والاحاديث في دوائر ضوئُها حريةً تشع من إشتعال أجسادهم قربانا على مذبح العدل الذي هم ماتوا طالبينه .
كيف يهون علينا دمهم حتى ليس الا ننتقم لهم بل نودعهم بهذه المهانة .
بل نشكك فيهم وفيما هو اصلهم وما هو مصيرهم .
كنت أحلم حينما ظننت أننا شيدنا هرما أعظم من الثلاث الحجريين الموجودين أسمه هرم الحرية والكرامة والعدالة .
هرم بني بصخر أجساد الابطال وربط بينهم بالدماء .
وها نحن بدلا من أن ندفنهم كما إعتدنا ان ندفن الملوك في أهرام و إعتدنا أن نكرم الفرعون في الحياة والممات , تحيَّنا وقتا حيث لا يسمع كثير من الناس ولا يخرجون مشيعيين كما لو كنا ندفن لص في أستار اللليل . 
وبدل من موكب يليق بهم زففناهم إلى مقابر الصدقة .
سيذكرنا التاريخ طويلا .
سيذكر أننا أمة ضربت بخيرة بنيها الصخر . فمن مات فيهم ترك عريانا ومن لم يمت مات بسيفها أو استنزلناه بالأسر ذليلا.
سيذكرنا التاريخ اننا مشينا في ظل عظماء جادو بالغالي والنفيس لكننا بخلنا عليهم ناشدين إستقرارا سوف لا يوجد إلا في أحلامنا .
سيذكر أننا لم نتعلم الدرس مطلقا ولم نحاسب المخطأ , فلا مستقبل لنا على خلفية تكرار خطايا ماضي الظلمات .
سيذكر عنا وعن جيلنا لأبنائنا أننا أطفأنا شمعة الامل بأيدينا لنلتمس الطريق في استجداء الظلام .
لا أتخيل أن أواجه جيلا جديدا ألمح في عينيه نظرة اللوم والأتهام المحق .
لا أستطيع ان أواجههم حقيقة .
والأهون لو سددت طلقة كجندي خاسر .
فالعدل إما كامل أو كان ظلما .

وأسير الذور يخرج أو لنسجن أجمعين .
ودماء الناس تحفظ أو هوانا أجمعين .
يبدو ان الدفن صدقة هو قدر العظماء والمؤثرين في التاريخ الإنساني .
لست في حاجة لتتصفح التاريخ كله فلا كرامة لنبي في وطنه .
.
.
.
.
" إن الشعور بالكرامة يجعل من العمر الطويل عذابا أليما ، فمن ذا الذي يحتمل ضربات الزمان وإهاناته ، وظلم المستبد ، ووقاحة المتكبر المتعجرف ، وآلام حب يقابل بالازدراء ،وبطء العدالة وغطرسة الحكام ، والاهانات التي لابد لذوي الجدارة أن يتقبلوها صابرين ممن لا قيمة لهم ، فمن ذا الذي يحتمل هذا كله "                                                                                    
                                                            شكسبير

" ليس الشرف ان تشن حربا لأجل سببا نبيلا ، لكن ان تشن حربا شعواء لأجل حطبة إذا كان فيها ما يمسن الكرامة "
                                                                                                                                                شكسبير
" الحرية شجرة تروى من حين لآخر بدماء الوطنيين والشرفاء "
                                                                                جورج واشنطن



فَيَا رُبَّمَا بَاتَ الْفَتَى وَهْوَ آمِنٌ وأصبحَ قَد سُدَّت عليهِ المطالِعُ
ففيمَ اقتناءُ الدِّرعِ والسَّهمُ نافِذٌ ؟       وَفِيمَ ادِّخَارُ الْمَالِ وَالْعُمْرُ ضَائعُ؟
فيا قومُ ، هبُّوا ، إنَّما العُمرُ فرصة ً وفى الدهرِ طُرقٌ جَمَّة ٌ ومنافِعُ
أَصَبْراً عَلَى مَسِّ الْهَوَانِ وَأَنْتُمُ عديدُ الحصى ؟ إنِّى إلى اللهِ راجِعُ
وَكَيْفَ تَرَوْنَ الذُّلَّ دَارَ إِقَامَة ٍ وذلكَ فضلُ اللهِ فى الأرضِ واسِعُ
أرى أرؤساً قَد أينعتْ لِحصادِها فَأَيْنَ وَلاَ أَيْنَ السُّيُوفُ الْقَوَاطِعُ؟
فكونوا حصيداً خامدينَ ، أوِ افزعوا إِلَى الْحَرْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الضَّيْمَ دَافِعُ
أهبتُ ، فعادَ الصَوتُ لم يَقضِ حاجة ً إلى َّ ، ولبَّانى الصَدى وهوَ طائعُ
فَلَمْ أَدْرِ أَنَّ اللَّه صوَّرَ قَبْلَكُمْ تماثيلَ لم يُخلَقْ لَهُنَّ مسامِعُ

محمود سامي البارودي               

هناك تعليقان (2):

  1. في دوائر ضوئُها حريةً تشع من إشتعال أجسادهم قربانا على مذبح العدل
    .
    جامدة قوى دى
    لما الثورة تنجح ,, نبقى نعمل قبر للثائر المجهول

    ردحذف
  2. اكثر من رائع يا مينا !!!

    ردحذف