ثلاثة تعريفات أساسية خاصة بي قبل البدأ بالحديث حتى تفهم كلامي لمنع سوء الفهم
· الثائر
الثورة هي مرحلة ما بعد الخمول والسكون. تتميز بالقوة والسرعة في الثأثير والانتقال اللحظي والفوري من حالة لأخرى كالعاصفة التي تلي السكون.
الثائر مثل البركان تظنه خاملا ثم يثور. غالبا لم يعتد على الاحتجاج لكن إذا قام لا يفاوض ولا يتنازل ويخشاه الجميع ولا أحد يردعه.
· الإصلاحي
الإصلاح فكرة قائمة على الترميم وإعادة انتاج ما فسد بصورة أفضل. يقوم على الصبر والتدريج البطيء واللي يستلزم وجود نظام قابل للإصلاح، فكلما كان النظام حالته جيدة يكون الاصلاح سريعا أقرب لسرعة الثورة. لكن في ظل تصدع جميع أساسات النظام يصبح مضيعة للوقت وحرث ماء.
· المخصي
الإخصاء هي عملية تعقيم للذكور ليكونو غير قادرين على التكاثر الإستمرار. فإخصاء طائفة يفنيها من الوجود مع التحفظ عليها حتى ترى عجزها بنفسها. وهي ليست عملية لإفقاد القدرة على الانجاب فقط فهناك إخصاء أخلاقي وعقلي.
المخصي هو شخص اعتاد ألا يكون مؤثرا مهما حاول.
عندما نعود حتى 25 يناير الماضي نجد من خلال أفعالنا خلال العام مايوضح وجود الثلاث فئات ( الثائر والإصلاحي والمخصي ) خلال الثورة.
أولا المخصي هو شخص ضمن كثير من قدام النشطاء تعرضوا لحملات كبيرة من التعجيز كما يفعلون مع الفيلة الصغيرة بربط قدمها بشجرة عظيمة حتى إذا حاولوا مرارا جاهدين لا يتمكنون من الفرار فيموت فيهم أمل نزع القيد حتى ولو كبروا وصار القيد مربوط بوتد ضعيف.
أثناء إحدى لقاءات تويت ندوة كانت تتحدث عن 10 أعوام قبل 25 يناير وما فعله النشطاء اللذين كانوا قِلَة يستحقون كامل التقدير. تحدث البعض عن ذكرياته وصلا ل 25 يناير فكان شبه إجماع ان الجميع يأس من التغيير تحت تأثير عجز فكري أميل لإعادة تسميته بالإخصاء. كثير منهم قالو كنا ننوي التظاهر لتغيير العادلي ولو زاد العدد سنرفع السقف لينال مبارك.
حتى وائل غنيم نفسه شهد عن ان تسمية الحدث على الفيس بوك كان مجازفة غير محسوبة أقرب للسقطة وإنزلاق على لوحة مفاتيح.
بينما هناك طيف ثاني أغلبه لم يخرج للشارع مطلقا كان دائم السخط والغضب والغليان لكن تحت السطح ولم يخرج عن صمته لسنين. هذا الطيف كان نزوله كمن يجيب سؤالا رأى إجابته من قبل وكانت " تونس ".
هؤلاء هم الثوار. في غالب الأمر هم الشباب لما يملكونه من دوافع للحفاظ على كرامة وانسانية وحلم بمستقبل لا يقبل الإخصاء. ولديهم الدافع حتى للموت في سبيل الاحتفاظ بسجيتهم الانسانية الحرة الأبية التي تقبل الموت على الخضوع والذل.
الثائر لا يفاوض بينما يقف متقدما الصفوف غير معروفا وحين يسقط يأتي رفيقيه أحدهم ليحمله مشيعا والآخر ليمسك حجرا سقط من يده ليشيعه في وجه الخطر منتظرا حتى ماإذا عاد الرفيق يحمله مُشَيعا ليجمعه بصديقهما الشهيد.
الإصلاحي هو طيف مابعد الإخصاء عوَّد نفسه على أن هناك قيد لا يستطيع نزعه فعليه أن يلجأ للصبر والتذلل و الإستكانة والمهادنة ويسمي ذلك سياسة حتى يستطيع ان يتعايش مع حاله. ولنا في جماعة الإخوان عبرة. فهي نشأت ثائرة وعندما فقدت شرفائها ورجالها تحولت لصورة أخرى تحافظ على ما تبقى منها تتجنب الصدام وصولا لمهادنة الحاكم وتهدئة الثوار تقربا للحكام. ولا يتحرجون أن يخَوٍّنوا رفاق الكفاح. فالبقاء لهم لا للأصلح ويدَّعون انهم الأصلح ويعملون للإصلاح. هؤلاء لن يتحرجوا أن يكونوا نظاما كالذي يصلحونه وهذا بديهي فهم يصلحون جهازا ليستخدموه هم.
ما حدث في 25 أن المخصي نزل ليتوجع والثائر نزل ليغسل تاريخا بالدماء ليصنع واحدا أكثر بياضا بينما الاصلاحي وجد الدفة تميل للثورة فرمى خطافا ليلحق بركابها.
كل انسان سيجد نفسه ضمن الثلاث فئات بعيدا عَمَن هو مخصي وإلتزم الكنبة أو آثر أن يكابر ويبكي جلاده، وبعيدا عمن هم النظام ذاته أو أحد منتفعيه.
كان علينا ان نعرف في أرض الميدان حقيقتنا حتى لا نصدم لاحقا لذلك علينا ألا نتعجب من مخصي وإصلاحي يطالبون بصفح عاجز وقبول ثمنا للدماء التي لم يعرفوا معنى بذلها بتسليم السلطة ولو كان تسليما صوريا منعا للتصادم المباشر
هؤلاء يحافظون على وجودهم. فالشرفاء تقدموا الصفوف وماتو ليبقى الجبناء ليخافوا على أنفسهم ويتشبثوا بما اشتروه بدماء غيرهم.
أخشى أن أموت وأترك بعدي من يذهب لأمي ليقنعها أن تقبل ديتي بدلا من أن يمسك حجرا سقط من يدي ويكمل مساره.
أخشى بعد موتي أن يحكم في وطني من خوَّن وقفتي وفوت جنازتي بعد تركي وحيدا أعزلا في مواجهة الردى.
أخشى أن أترك وطني لمناضلين آخر زمان مناضلين العوامات
أخشى أن يتم إخصائي أو والعياذ بالله أسقط في خديعة الإصلاح.
أتمنى أن أموت ثائرا.